كعرض السماء و الأرض


بسم الله الرحمان الرحيم
قال تعالى؛ وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنه عرضها السماوات والأرض
 و قال جلّ في علاه: سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنه عرضها كعرض السماء والأرض


وسؤالي هو :ما الذي أفاده القرآن حين أضاف كلمة الأرض ليعبّر عن عرض الجنة ؟فعندما يقول أن الجنة عرضها كعرض السماوات فقط ، نعرف أنها عريضة جداً جداً ، ولكنه يضيف إلى عرض السماوات عرض الأرض ، والذي لا يمكنه أن يضيف شيئاً للعرض الأساسي أبداً

                                                               
و الرد يسير بإذن الله ؛
أول من المعلوم أن السماء أعرض من الأرض و هذا لا يحتاج تكلّف عناء الحساب و القياس و تكفي العين المجرّدة لحسن الحكم و هذا لا ينفيه أحد و لكن الفائدة من ذكر عبارة الأرض. هي أن السماء و الأرض يمثّلان ثنائية متلازمة لصورة متكاملة عن الدنيا أو العالم فقوله؛ عرضها كعرض السماء والأرض ..أي عرضها كعرض الدنيا و لكن قيلت بذاك الشكل لحكمت ظاهرة و هي أن الدنيا أمر معنوي في حين لرسم صورة متكاملة في المخيّلة البشرية يحتاج العقل الى أشياء محسوسة و لذلك جاء القول بطرفي المحسوسات المكوّنة لدنيا ليكون المعنى كامل و متكامل

ثانيا بما أنّ الدنيا أو العالم هو المقصود بالسماء و الأرض فلا يستقيم المعنى بذكرطرف دون آخر حتى إذا كان الفرق في الإتّساع كبيــر و بالمثال يتّضح الحال ؛
لا يستقيم الإشار إلى الصحابة بالأنصار دون المهاجرين وإن كانوا أقل عددا
قال البروسوي: "يراد بالسموات والأرض العالم بأسره، كما يراد بالمهاجرين والأنصار جميع الصحابة"

ثالثا كل من السماء و الأرض لها أبعاد رمزية و دلالات لغوية و من بين هذه الرموز و الدلالات ؛ الإتّساع.. و لذلك استعمل كلا اللفظين ليقوي الواحد الآخر . وقال أبو حيان: "لما كانت الجنة من الاتساع في الغاية القصوى، إذ السموات والأرض أوسع ما علمه الناس.. وخصَّ العرض؛ لأنه في العادة أدنى من الطول للمبالغة، فعلى هذا لا يراد عرض ولا طول حقيقة.. تقول العرب؛ بلاد عريضة أي واسعة"

رابعا القرآن لمن هم على الأرض. فالأرض خلقها الله لتسع الثقلين الإنس و الجان في حين السماء ما هي بموطن البشر و لا بموطن الجان فمع اتساع الأخيرة فهي مسألة نظرية أكثر من الأرض التي تمثّل الطبيعة الملموسة و هذه صورة مقرّبة جدّا فيا بني البشر فمها كان عددكم فإن الأرض تسعكم و لكم فيها سعة لكن ذاك لا شيء مع عرض السماوات و لا مع عرض الجنّة


مع تحيات صفحة ؛ الرد الصارخ على الشبهات