أنوا ع الإلحاد


الإلحاد في مجمله تقريبا لا يخرج عن 3 أنواع و قد يجتمع أكثر من نوع في الإنسان الواحد
أول هذه الأنواع هو الإلحاد النفعي فيلج المرء باب الإلحاد ظنا منه أنه سيتخلص من القيود الدينية و الحدود الإيمانية إلى حياة عبثية بلا رقيب لا حسيب و بذلك يفعل ما يشاء و يحقق ملاذاته دون كبت الدين و الإحساس بذل المعصية و هو ما عبر عنه ريتشارد داوكنز: ربما لا يوجد هناك إله لذا استمتع بحياتك ودع القلق
و هو ما لم يثبت نجاعته مع بالغ الأسف للملحدين فاليوم و حتى مع التخلي عن القيود الدينية فأهل الإلحاد هم أكثر الناس إنتحارا و ضلت السعادة المطلب المستحيل
فلك أن تعلم أن أكبر نسب المنتحرين هي من صفوف أهل الإلحاد


و كما توضح الصورة فنسبة ثمانين بالمائة من المنتحرين هم ملحدون و هذا دليل أن مسعاهم ضل طريقه و لم يبلغ مأمنه
كما يتضح هذا النوع من الإلحاد من خلال المواقف التي تظهر على أتباع الإلحاد النفعي:
- إتباع موقف متطرف حول تقسيم الثروة (غاية إقتصادية مالية فإما ثري يبحث عن جمع مال أكبر و إما فقير يبحث عن حل لثراء)
- مواقف جنسية شاذة في حل من الزواج (غاية إباحية لأصحاب الغرائز الحيوانية)
- ربط الدين ببعض الأشخاص المتدينين الوصوليين و ممارساتهم الخاطئة خاصة إذا كان في دينهم تحريف وأشياء مغلوطة فيرفضهم ويرفض أن يصنف بينهم ويرفض معهم فكرة وجود الإله (غاية فرض صورة العلو و الإرتقاء و التنوير مع أنه لو بحث في دينه و حاول أن يستثمر فكره في حدود دينه كان ليبلغ مبلغ حسن خاصة في ظل الدين الإسلامي الحنيف)
- نفس مستكبرة عن عبادة الله و التذلل إليه (غاية الملحد صورته أمام ذاته و لا همَّ له بصورته عند الخالق جل في علاه)

هذه و أكثر أسبابه أما سلاحه فالسخرية دينه و ديدنه و الذي يحاول أن يجابه به خصومه بحيث يرهقهم ويشوشهم بسخريته قبل أن يطرح نظريته سواء كان على حق أو لا– وعندما يطرح تبريره للإلحاد يستخدم سلاح السخرية للدفاع عن المنظومة الفكرية التي اخترعها وتغطية عيوبها فيكرر خطأه الأول في تنفير الناس منه وتجنبهم له (و لذلك نجد كثيرا من الملحدين يسيؤون للإلحاد نفسه) إلا من سار على دربه و قبلت نفسه أن يتخذ الكبر والهزء وسيلة يعتاش بها
و رسالتنا لهؤلاء هذا الإتجاه مهرب آني فلا هو في الدنيا نافع و لا في الآخرة سينفع و هذا تخلِّي عن إلتزامات كثيرة وتحديات مفروضة على الإنسان العاقل


ثاني هذه الأنواع هو الإلحاد العلمي و هو الإلحاد الناشئ عن قناعة علمية معينة تتناقض مع مقولات دين من الأديان و هذا النوع نشأ خاصة في في أوروبا في العصور الوسطى زمن قمع الكنيسة للعلماء و هو ما أنشأ بيئة إلحادية وسط العلماء و عرف الإسلام أيضا بعضا من هؤلاء ممن عرفوا بعلمهم الواسع و من ثم اعتقدوا الإلحاد و منهم من رجع عنه و منهم من مات عليه و للإطلاع على هذه النقطة الأخيرة بأكثر إستفاضة أدلكم على كتاب تاريخ الإلحاد في الإسلام لدكتور عبد الرحمن بدوي
و الإلحاد العلمي عرف تطورا من مجرد نظريات متباعدة و أفكار غير مترابطة إلى محاولة خلق البديل عن الدين في النظام الإجتماعي و المادي و قدمت منظومة مختلفة من الأخلاق و السلوك طبقت في الدول التي اتخذت منها فيما بعد بديلاً عن المنظومة الدينية
لكن هذا البديل لم يعرف نجاحا إلا في أمور جزئية فمن هذه الدول من عرف فشلا سياسيا كبيرا و انتهى به المطاف إلى البدأ من نقطة الإنطلاق و غالبها اليوم تعيش ظواهر إجتماعية خطيرة لا تجد لها حل و حتى على المستوى العلمي فقد نشأت فكرة رفض نظرية الصدفة علمياً، والإعتراف بوجود قوة منسقة ومحركة للكون أسماها الملحدون الشرقيون بقوة الطبيعة و عزاها العلماء الغربيون لخالق مدبر للكون و هو ما كون الإلحاد الواقعي حيث أنهم لا يدخلون في فرضية وجود إله أم لا و لكن يعتبرون أن الإله و إن وجد لا يؤثر وجوده على الحياة اليومية و على سيران الكون
و مع هؤلاء يكون الكلام الحجة بالحجة و الدليل سلاح الإقناع إن كان هذا النوع متفرد في الشخص و لم يمزج في النفس بنوع آخر و خاصة بالرد على نظرية داروين


ثالث هذه الأنواع هو الإلحاد العاطفي و هذا الإلحاد تظهر معالمه بسبب الإفراط في الخوف من الإله دون دعامة كفة الرجاء و هو ما يبني خوف و كبت يحاول المرء التخلص منه لا بحب الله و رجائه و حسن معرفته و لكن بالتخلص من هذا القيد و هو الخوف فيخسر المرء عقيدته و ينسلخ عن التوحيد أو التعبد (إن كان على دين فيه آلهة) و تكون أزمة أو حادثة هي الشرارة التي توقد المسألة كما ينشأ أيضا بسبب الغضب من الناس المحيطين به خاصة من الفئات المتدينة عندما يلتجؤون للكذب و قد يتسترون بعبائة الدين في كذبهم و قد يسعى الأقوياء بواسطة الدين و مهابة الخالق إلى السيطرة و بسط النفوذ على الآخرين بالمعش بالدين و هو ما قد يشعل نار الغضب بهم و يلتجؤون إلى التملص من الإنتساب لهؤلاء بالخروج عن الدين الذي يجمعهم
إن السمة الرئيسية لهذا الإلحاد هي سيطرة مشاعر الرفض والغضب والشعور بالمرارة – وربما يخفي الملحد ذلك الشعور تحت ستار من السخرية والنرجسية والإستعلاء فلا يظهر الغضب في سلوكه ولكنه ينقلب إلى سخرية وهزء بالآخرين واستعلاء عليهم
من علامات الإلحاد العاطفي أن يقول الشخص:
- العذر الوحيد لله عن هذه المصائب التي تحصل أنه غير موجود
- لو كان الله موجودا فلم يوجد الشر؟؟
- ليست هناك عدالة بين البشر وهم يخدعونني إذا ادعوا عدالة السماء
- العدالة حلم الضعفاء و الدين صناعة الأقوياء

و نجد أن كلامهم في ظاهره و باطنه دليل على تراكم موجات الغضب و التي قد يصدر منها موقف إنفعالي يجر للإلحاد
لكن ما خفي عن هؤلاء هل الإله يرضى بالنفاق و التستر بالدين و المجاهرة بالمعاصي؟؟؟ لكن هي ظروف الإمتحان فالإله خلق النوازع و سخر المواد و المرء يختار طريقه
و سبحان الله رغم ذلك فالإله يعطي الفرص تلو الفرص و قد يعاقب المرء في الدنيا إنذارا غاية الوعض قال تعالى: وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ العذاب الأدنى دُونَ العذاب الأكبر لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
هل الإله يخلق شرا محضا؟؟هل الشر يصيب الإنسان دون غيره؟؟ أولا الشر شيء نسبي فما أصاب شيئا بسوء فهو خير للآخر ثانيا الكوارث الطبيعية أصابت العالم قبل ما يوجد الإنسان أصلا على الأرض فمثلا لولا الكارثة قبل 65 مليون سنة التي قضت على الدينصورات لما سمح المجال لعيش الإنسان و الكوارث آية من آية قدرؤة الخالق و هي آية منظورة فبأي آيات الله يجحدون ثالثا الكون قائم على ثنائيات عديدة فلم هذه الثنائية هي المقلقة؟ إذا غاب الخير ظهر الشر فالشر وجوده يتطلب غياب الخير و الخير أليس من خلق الله أو لم يأمرنا ربي بفعل الخير؟؟
زد سؤال لماذا تحصل المنغصات و العقبات للإنسان و يحس بعقباتها و أليس هذا دليلا على التكليف؟؟؟
و هنا غالب الملحدين يهربون نحو الإلحاد النفعي أو العلمي لعلهم يلقون ظالتهم و لكن الملجأ الحق هو الإسلام الدين الذي وافق العقل و المنطق و عمل على الروح كالجسد


هذا و الله أعلى و أعلم