تعقيب شباب من حركة النهضة على كلام الأخ وليد البناني


بســـــــــــــــم الله الرحمــــــــــان الرحميــــــــــــــــــــم
 

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أمرنا الله تعالى باتباعه والأخذ بمنهجه والسير على دربه والتمسك بسنته بالنواذج. إن الرسول صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن ننصر اخواننا ظالمين أو مظلومين، فأما نصرهم مظلومين فهذا معلوم وأما نصرهم ظالمين فهو بردهم إلى الحق والأخذ بأيديهم إلى حكم الله عز وجل

، قد استمعت لتصريح الأخ وليد البناني على بعض الأسئلة قبل قليل والتي كانت تتمحور حول أصول في ديننا وأحكام معروفة فصرّح بعدم معاقبة الشاذين جنسيا و لعله فكّر بأن المثلية يعود سببها الأساسي لخلل في الحالة النفسية والجسدية لمرتكبها فاتجهت اجابته نحو تكفل الدولة بالمعالجة و تأطير المريض في علاقاته الاجتماعية فالأصل أن تقدم الحل و البديل قبل أن تذهب للعقوبة و لكننا نعتبر أن موقفا يصرح بترك المعاقبة دون توضيح هو بعبارة أخرى فتح المجال لهذا الباب بالانتشار دون معاقبة ولا محاسبة وهذا خطب جلل  وليس بخطاب النهضة وانما هو خطاب وتصريحات اعتدنا عليها من أطراف أخرى معروفة  لدى الجميع مهمتها الانسياق بمجتمعنا نحو هذه الأمور المشبوهة. فصوب كل محرم و دخيل على هوية و قيم شعبنا وبلادنا، نؤكد أننا نرفضه رفضا قاطعا و كل قضية محسومة في الفقه الإسلامي لا نخوض فيها فلا نجادل في الحلال و الحرام فتلك حدود الله و معلوم فإن ثورة شعبنا لم تقم ضد ديننا بل قامت ضد الظلم والقمع ولم يكن شعبنا يطلب الحرية في ماهو محرم وما هو غريب عن قيمه بل إنه طالب بالشغل كاستحقاق وفتح الباب امامه للمشاركة في العمل السياسي ومحاسبة الفاسدين وغيرها من هذه الأمور المشروعة والمطالب التي نحمل رايتها مع شعبنا لتحقيقها ونعتز بذلك ونذكر أن الشعب التونسي لم يطالب يوما بالمثلية الجنسية أو مشروعية التزوج بغير المسلم بالنسبة للمرأة و نحن نشترك مع شعبنا المسلم كوننا نستمد احكامنا من ديننا الحنيف الذي نؤمن انه حافظ على كرامة الانسان ووضع قيما ثابتة وأحكاما واضحة للحرية الإنسانية لا الحرية "الحيوانية" التي تفتح باب العلاقات الجنسية على مصراعيه كما يريد أن يستدرجنا إليها البعض. أما بالنسبة للعلمانية فإننا نؤكد أننا نحترم رؤى وأفكار غيرنا ونعتمد الحوار والنقاش الهادف البناء لإيصال أفكارنا وهكذا يحدث تبادل الأفكار وتبادل الرؤى والنقاش ولكننا نعتقد أن العلمانية بشقيها، الجزئية والشاملة، نعتقد انها قضية مزيفة في مجتمعاتنا الإسلامية ونعتقد انها مفتاح مستورد لباب غير موجود لذلك فإننا نرى أن في ديننا ما يغنينا على طلب هذه المفاتيح والحلول المستوردة وفيه من الفقه والاحكام ما تغلغل في هويتنا وتراثنا الحضاري بما فيه الكفاية ليرفض الشعب التونسي مثل هذه الامور المستحدثة والتي لم تأتي إلا بالوبال على المجتمعات الغربية ولم تبشر إلا بالانحطاط الاخلاقي فيها.

إننا نعتبر أن مثل هذه الأمور هي مسائل جانبية تطرح علينا اليوم لنناقشها مع انها لم تكن يوما مطلبا للشعب التونسي بل إن المطلب الحقيقي غير ذلك وهو يتمثل في معالجة المنظومة الأخلاقية للمجتمع وإصلاحها نحو الأفضل لا نحو الادنى والأسوء ولا يكون الإصلاح أبدا بفتح الباب على مصراعيه امام مثل هذه التجاوزات حتى اننا سمعنا ورأينا من يدافع بكل حماس وبسالة على المواقع الاباحية والخمارات والدور الزنى أكثر مما دافع على الحريات السياسية والمطالب الشعبية الاجتماعية وما إلى ذلك، ولهذا ينبغي أن نوضح موقفنا من هذه الامور ولا نقف عليها كثيرا فهي أمور عارضة ونعتقد ان حول هذه الأمور إجماع كافة مكونات المجتمع المدني بما يغنينا على الخوض فيه وإلا بلا شك الوقوف عندها طويلا محاولة لتضليل مسار الثورة وصد لها عن اهدافها الحقيقية والهاء الشارع لأمور مخالفة لقناعاته التي لن تتغير و لن تتبدل و انما هي قضايا زمرة من صدّروهم كنخب منسلخة عن هوية الوطن و عن هموم الشارع , فأدعوا اخواننا إلى تركها ورفضها فإنه مهلكة.

إن حركة النهضة حركة مرجعيتها الإسلام، انطلقت من نصوص الكتاب والسنة وتنظر إلى الواقع من هذه المرجعية متخذة الأصول الفقهية ومقاصد الشريعة الاسلامية ركائز تقوم عليها الحركة ولا شك ان الإسلام يدعونا لمناصرة الحق وحده، لا الأشخاص و لا الهياكل، وبهذا نكون قد ذكرنا بمبدإ عظيم في ديننا الإسلامي وهو ان يكون الولاء اولا وأخير إلى الله سبحانه وتعالى وأي زلل او خطأ يحدث في الحركة كان من شخص أو من اجراء جماعي فإننا سنستنكره ونراجع فيه مواقف قائليه فالحركة ليست مجموعة من القوالب وإنما مجموعة من البشر تخطئ وتصيب وقد تتباعد أفكارها ولكن يبقى خطنا واحد ومقصدنا واحد ومرجعيتنا وهي الكتاب والسنة ولا نتبع الاهواء ولا الآراء التي ما أنزل الله بها من سلطان وكما قال الشيخ راشد الغنوشي في كتابه الحريات العامة في الدولة الإسلامية : (( إن الإسلام بإرسائه لأساس فلسفي متين لحقوق وحريات الناس لا يدور مع الاهواء، بل مَثّل ثورة تحررية شاملة على الأهواء والجهالات والطواغيت، وأرسى قاعدة صلبة للحرية وميزانا ثابتا لما هو عدل وظلم، أو خير وشر، وأين تقف الحرية ليبدأ الجهل والهوى والاستبداد)) . لذلك نرجوا من الاخ وليد البناني أن يراجع مواقفه حول هذه الأمور ويصحح ما قد أخطأ فيه، أو على الأقل أن يوضح موقفه بالكامل حول هذه القضايا ويأخذ كل سؤال حظه من الإجابة والتفسير بما يتماشى مع ديننا وأحكامه، فلا بد من التفسير المستفيظ حتى يفهم مراد الكلام على الوجه الأمثل وحتى لا نقع في فخ الأسئلة التي لا يمكن الإجابة عليها بـ"نعم" أو "لا" دون تفسير وتعمق فيها فما عهدنا أن تكون هذه التصريحات من حركة النهضة بل عهدنا كل قواعد الحركة ضد كل من يدعوا لمثل هذه الدعوات التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولا هدف منها سوى إثارة البلبة والتغريب الفكري.

وفي الختام نذكر أننا لا نطلب من احد ان يكون معصوما عن الخطأ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كل ابن آدم خطاء وخير الخطاؤون التوابون. ونحترم ونوقر القيادات ولكننا لا نحبس أنفسنا عن النقد والنصح وفتح باب الحوار والشباب لا يستنكف عن هذا الدور فالأمر لا يقاس بالسن وقالنا هذا يندرج ضمن هذا الإطار وهذه المبادئ التي تعلمناها من الحركة نفسها وأخذنا أدابها وأصولها من قياداتنا وأساتذتنا. فمع احترامنا لما قاله الأخ وليد ننقد ما قاله ونبتغي من ذلك مرضات الله سبحانه.


مجموعة من شباب الحركة