قد يقول قائل أن جميع الرسل و الأنبياء نزلوا على الجزيرة العربية فكيف يكون توافق هذا الحدث مع قوله تعالى: و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا
و هذا قبل التفصيل من تمام عدل الإله فلا يستبق العذاب إلا بالإنذار و لا يدخل النار إلا بعد إقامة الحجة
فسبحان الله
و هذا قبل التفصيل من تمام عدل الإله فلا يستبق العذاب إلا بالإنذار و لا يدخل النار إلا بعد إقامة الحجة
فسبحان الله
و إذا كنا موقنين بأن القرآن كلام الله فقد أخبرنا القرآن عن إقامة الحجة حيث قال تعالى: كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير
و في الآية نلاحظ لفظ "كلما " و التي تدل على شمول الفعل و تكراره..فالسؤال مصيب الكل و الإجابة واحدة من الكل..و يوافق هذا المعنى قوله تعالى: و سيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاؤوها و فتحت أبوابها و قال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم و ينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى و لكن حقت كلمة العذاب على الكافرين
و هل معقول أن يكذب الداخل لنار و يدعي بلاغ الأمر إليه و ما وصله الخبر؟؟
و الآيات عن الإنذار قبل نزول العذاب على قوم في دنيا كثيرة هذا كما سبقنا الكر من تمام عدل الإله كقوله تعالى: و ما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث فِي أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا و ما كنا مهلكي القرى إِلا وأهلها ظالمون
و كل هذا في إطار آية بليغة يفهم من خلالها المقصد: ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما
ثم لو قيل هذا لا يكف لرد الشبهة نقول
أولا القائل بتمام عدله فاعل بتمام قدرته
ثانيا بلوغ الحجة لا تكون فقط من باب الرسل و إنما سماع الخطب فالله ييسر الدعوة إليه..قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل و النهار ، و لا يترك الله بيت مدر و لا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل ، عزا يعز الله به الإسلام و ذلا يذل الله به الكفر ..فالأمر بالغ و دليل ذلك وجود التوحد و الإسلام في كل العالم فيكفي الإنسان أن يجتهد في التعرف و تكفي الشهادة بمحو كل السوء فالإسلام يجب ما قبله
ثالثا علينا أن نوقن أن الكفر من الإسلام إختيار فالإله قال: إنا هديناه السبيل اما شاكر او إما كفورا..و هكذا نستبين أن اختيار المصير من التخيير
رابعا لما خلقت النوازع البشرية و جعل التسخير و جعلت الفتن كلها في إطار الإمتحان و معلوم أن في الإمتحان كل و عمله و هنا سنجد ثناية الكفر و الإيمان و كما أن الإيمان تشريف فهو تكليف و مهمة الدعوة إلى التوحيد يكلف به المؤمن و هذا من باب إقامة الحجة
خامسا و هو الدليل الدامغ: قال صلى الله عليه و سلم: روي الأمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال : " أربعة يحتجون يوم القيامة : رجل أصم لا يسمع شيئا ، ورجل أحمق ، ورجل هرم ، ورجل مات في فترة ، فأما الأصم فيقول : رب قد جاء الإسلام وما أسمع شيئا ، و أما الأحمق فيقول : رب قد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر ، و أما الهرم فيقول : رب لقد جاء الإسلام ولا أعقل شيئا ، و أما الذي مات في الفترة فيقول رب ما أتاني من رسول ، فيأخذ مواثيقهم ليطيعوه ، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار ، فو الذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا و سلاما و أما من سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ثم لم يؤمن به ، فلا عذر له ، كما في الحديث الذي رواه مسلم في الصحيح و قال عنه الشيخ الألباني حديث صحيح
في شرح كتاب التوحيد للشيخ الفوزان قال:
قول الله ولقد بعثنا في كل أمة رسولا
قال أن المعنى هو اخبار الله تعالى أنه أرسل في كل طائفة وقرن من الناس رسولا يدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه وما يزال يرسل الرسل إلى الناس بذلك منذ حدث الشرك في بني آدم
وقال
الرسالة عمت جميع الأمم وقامت الحجة على العباد
أما قول الله تعالى
وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيراً
فمن المعلوم أن الأمة أشمل من القرية ولكن كما ذكرنا أن الغاية وصول الرسالة للناس وإقامة الحجة وليس وإرسال رسول لكل قرية أو لكل فرد
ثم ختاما نذكر قوله تعالى:و ما ربك بظلام للعبيد
و لفظ "ما " دال على الإطلاق و صدق الله
و ما كان من توفيق فمن الله وحده و ما كان من خطئ أو زلل أو نسيان فمني و من الشيطان