نريد تفسيرا يا أهل الإلحاد 3

في البداية سنواصل وضع بقية الأحداث التي وصف فيها خير الخلق (صلى الله عليه وسلم) بعض الحقائق الغيبية التي كانت خير شاهد على صدق نبوته عليه الصلاة و السلام و (لنتدبر في أحداثها) معا

الخبر الأول ؛ الإخبار بالغيب الحاضر 1
أخبر النبي صلى الله عليه و سلم أصحابه بما يجري في غزوة مؤتة التي حدثت قرب الشام وهو جالس في المدينة و من المستحيل أن يصل خبر المعركة إلى المدينة بأي طريقة كانت إذ أن إخبار النبي (صلى الله عليه وسلم) بهذا الأمر كان مزامنا لوقوع المعركة
==>غيب حاضر
هذا كما جاء في الحديث صحيح البخاري و الذي لا ينكر صحة نقله إلا الجاحد المكابر ... فعن النبي صلى الله عليه و سلم نعى زيدا و جعفرا و ابن رواحة  للناس قبل أن يأتيهم خبرهم ، فقال ؛ « أخذ الراية زيد فأصيب ، ثم أخذ جعفر فأصيب ، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب _و عيناه تذرفان_ حتى أخذها سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم  »
أخرجه البخاري(كتاب المناقب، باب مناقب خالد بن الوليد ، رقم(3757).

فما أعظمه من خبر و ما أصدقه من حديث إذ لم ينكر أحد ممن  شهد امعركة على كلمة واحدة مما قاله الصادق الأمين و انتشر هذا الحديث بين الصحابة ليبقى دليلا شاهدا إلى يوم القيامة 

الخبر الثاني ؛ غلبت الروم
قال تعالى ؛ (غلبت الروم في أدنى الأرض و هم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين لله الأم من قبل و من بعد و يومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم * وعد الله لا يخلف الله وعده و لكن أكثر الناس لا يعلمون)
كما أخرج الترمذي بسند صحيح ؛ عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ ابْن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ( ألم غُلِبَتْ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ ( قَالَ : غُلِبَتْ وَغَلَبَتْ ، كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ يَظْهَرَ أَهْلُ فَارِسَ عَلَى الرُّومِ ؛ لِأَنَّهُمْ وَإِيَّاهُمْ أَهْلُ الْأَوْثَانِ ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ يَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، فَذَكَرُوهُ لِأَبِي بَكْرٍ ، فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ ( قَالَ : « أَمَا إِنَّهُمْ سَيَغْلِبُونَ ». فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لَهُمْ فَقَالُوا : اجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ أَجَلًا ، فَإِنْ ظَهَرْنَا كَانَ لَنَا كَذَا وَكَذَا ، وَإِنْ ظَهَرْتُمْ كَانَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا . فَجَعَلَ أَجَلًا خَمْسَ سِنِينَ ، فَلَمْ يَظْهَرُوا فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ (فَقَالَ: «أَلَا جَعَلْتَهُ إِلَى دُونَ الْعَشْرَ ». قَالَ : ثُمَّ ظَهَرَتْ الرُّومُ بَعْدُ . قَالَ : فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( ألم غُلِبَتْ الرُّومُ …إِلَى قَوْلِهِ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ ) قَالَ سُفْيَانُ: سَمِعْتُ أَنَّهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ)


الأحداث باختصار شديد ؛ هنـا
602 م ؛ اندلاع الحرب
613 م ؛ سيطرت الفرس
622 م ؛ انتصار الروم


و الفترة بين 613 و 622 هي تسع سنوات
يعني بضع سنين و صدق الله إذ يقول ؛ (وعد الله لا يخلف الله وعده و لكن أكثر الناس لا يعلمون




الخبر الثالث ؛ الوعد بالنصر يوم بدر
لقد وعد الله تعالى نبيه (صلى الله عليه وسلم) بالنصر يوم بدر تطمينا لقلبه و تثبيتا له بقوله تعالى ؛ (سيهزم الجمع و يولون الدبر * بل الساعة موعدهم و الساعة أدهى و أمر)
هذا وعد من عند الله بنصر المسلمين يوم بدر، إذا كان محمد (صلى الله عليه وسلم) هو الذي كتب القرآن  فلماذا يقحم نفسه في هذه المتاهات و الأمور الغيبية ؟
هذا خبر مستقبلي، ماذا لو لم يتحقق هذا الخبر و هزم المسلمون يوم بدر ؟
أليس هذا كافيا لهدم الدين من أساسه، و لكن النبي عندما نطق بذه الكلمات كان واثقا بموعود الله و بهذا القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم خبير

عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال وهو في قبة له يوم بدر ؛ (أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم في الأرض أبدا) فأخذ أبو بكر رضي الله عنه بيده وقال: حسبك يا رسول الله، ألححت على ربك، فخرج وهو يثب في الدرع وهو يقول ؛ (سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ) 
و تحقق الخبر الصادق و انهزم المشركون في معركة بدر و عاد المسلمون بالنصر و بآية شاهدة لهم إلى يوم القيامة
قد يخرج معترض و يقول بأن هذا محض صدفة، نقول له نعم قد تكون صدفة لكن عندما تجمع معها كل الأمثلة التي ذكرناها سابقا و الأمثلة التي سنذكرها لاحقا تصبح الصدفة ضربا من المستحيل لا يقبلها العقل الرشيد

الخبر الرابع ؛ إسلام عمير بن وهب
أسلم عمير بن وهب إثر سماعه للنبي صلى الله عليه و سلم وهو يخبره بأمر غيبي وهو حديثه في السر مع صديقه صفوان فقد أطلع الله نبيه عليه الصلاة و السلام بهذا الحديث الذي جرى في الخفى و كان هذا سبب إسلام عمير و حق له أن يسلم و كيف لا وهو الذي رأى المعجزة بعينيه و التي تناقلت لنا عبر هذا الحديث الصحيح 
لما رجع وفد المشركين إلى مكة أقبل عمير بن وهب الجمحي حتى جلس إلى صفوان بن أمية في الحجر، فقال صفوان؛ قبح العيش بعد قتلى بدر، قال؛ أجل والله ما في العيش خير بعدهم و لولا دين علي لا أجد له قضاء و عيال لا أدع لهم شيئا لرحلت إلى محمد فقتلته إن ملأت عيني منه، إن لي عنده علة أعتل بها أقول؛ قدت على ابني هذا الأسير، ففرح صفوان بقوله و قال؛ علي دينك و عيالك أسوة عيالي في النفقة لا يسعني شيء و يعجز عنهم، فحمله صفوان و جهزه و أمر بسيف عمير فصقل و سم و قال عمير لصفوان؛ اكتمني أياما، فأقبل عمير حتى قدم المدينة فنزل بباب المسجد و عقل راحلته و أخذ السيف فعمد إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فدخل هو و عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعمر؛ تأخر ثم قال؛ ما أقدمك يا عمير ؟ قال؛ قدمت على أسيري عندكم، قال ؛ اصدقني ما أقدمك ؟ قال؛ ما قدمت إلا في أسيري، قال؛ فماذا شرطت لصفوان بن أمية في الحجر ؟ ففزع عمير و قال؛ ماذا شرطت عليه ؟  قال؛تحملت له بقتلي على أن يعول بنيك و يقضي دينك، واللهحائل بينك و بين ذلك، قال عميل؛ أشهد أنك رسول الله، إن هذا الحديث كان بيني و بين صفوان في الحجر لم يطلع عليه أحد غيري و غيره فأخبرك الله به فآمنت بالله و رسوله، ثم رجع مكة فدعا إلى الإسلام فأسلم على يده بشر كثير
الراوي؛ أنس بن مالك __ المحدث؛ السيوطي __ المصدر؛ الخصائص الكبرى
خلاصة حكم المحدث؛ إسناده صحيح

هذه حادثة أخرى أو بالأحرى معجزة أخرى  نظمها إلى القائمة و نذكر و نشد انتباه الإخوة القراء و خاصة المعارضين على صحة الحديث كي لا يحتج أحدهم بعدم صدق الخبر
و لا يأخذ من الأحاديث ما يلائم شبهاته الهاوية و يترك ما لم يعجبه و نمر على بركة الله

الحدث الخامس ؛ قصة الشاة المسمومة
قد قال الإمام أحمد: حدثنا حجاج، ثنا ليث، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة قال: لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجمعوا لي من كان ها هنا من يهود» فجمعوا له

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقي عن

قالوا: نعم يا أبا القاسم.

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أبوكم؟

قالوا: أبونا فلان.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كذبتم بل أبوكم فلان

قالوا: صدقت وبررت.

فقال: «هل أنتم صادقي عن شيء إذا سألتكم عنه؟

قالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبنا عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أهل النار؟

فقالوا: نكون فيها يسيرا ثم تخلفونا فيه.

فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله لا نخلفكم فيها أبدا

ثم قال لهم: هل أنتم صادقي عن شيء إذا سألتكم؟

فقالوا: نعم يا أبا القاسم.

فقال: هل جعلتم في هذه الشاة سما؟

فقالوا: نعم.

قال: ما حملكم على ذلك؟

قالوا: أردنا إن كنت كاذبا أن نستريح منك، وإن كنت نبيا لم يضرك


نعم، إن كل ملحد يدعي أن هذه الأخبار مجرد صدفة !! ويقول أن الصدفة هي التي وفقت بين قول النبي صلى الله عليه وسلم وبين ما حصل من أحداث ، الصدفة وراء نبأ الشاة مسمومة وحديث عمير و صفوان وهي التي وفقت بين القدر و كل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في في الغيب ... صراحة يالها من صدفة، اللهم ارزقنا صدفة مثل هذه الصدفة !!

ختاما، أوجه كلامي للملحدين.. لا أطلب منكم الإيمان بقدر ما أطلب منكم الصدق، أصدقوا أنفسكم و لا تلقوا بآذانكم إلى من يلوثها
كلما طرحنا نحن المسملون موضوع شبيها بهذا نبين فيه بعض معجزات و فضائل النبي (صلى الله عليه وسلم) يتهموننا بكتم الحقائق و إخفاء بعض الأحداث في السيرة و عندما أطرح الموضوع يذكرون في ردودهم و بطريقة مباشرة أحداث عدة و يخرجون عن الطرح الأصلي؛
- تعدد زوجات النبي
- زواجه بأم المؤمنين عائشة
- حادثة بني قريضة
- إعلانه للحروب (الغزوات)
...
نحن لا نعمي النظر إلى هذه الأحداثث بل كتب المسلمون فيها ما شاء الله أن يكتبوا و لنا نقاش فيها آنفا ... و كأن عقولهم مبرمجة على هذه النقاط من السيرة التي شبهت لهم و نسوا أو تناسوا أحداث السيرة العطرة الزاخرة بما يبهر القارئ و تجعله يشهد بعظم شخصية هذا النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى و إن لم يؤمن به